الأحد 28-04-2024 13:21:02 م : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الحياة في الجحيم.. استمرار جرائم الحوثيين بحق المرأة والناشطين الحقوقيين

الخميس 28 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 06 مساءً / الإصلاح نت-خاص
 

 

"الحوثي حولّ حياة المرأة اليمنية والناشطين الحقوقيين إلى جحيم"، هكذا وصفت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان ما يتعرض له الناشطون الحقوقيون والمرأة عموما من تضييق وانتهاكات وجرائم مستمرة على أيدي مليشيا الحوثي بمناطق سيطرتها، في تصاعد مستمر لتلك الانتهاكات، منددة بحالة القمع المتزايد لحقوق الإنسان الذي قالت إنه بلغ مستويات مرعبة.

قمع واسع

وتقول هيومن رايتس ووتش في بيان لها صدر في ديسمبر الجاري 2023، إن سلطات الحوثيين حكمت على ناشطة حقوقية بالإعدام بتهمتَي التجسس ومساعدة جهة معادية، داعية مليشيا الحوثي إلى إلغاء الحكم وإنهاء قمعها المتصاعد لحرية التعبير وحقوق المرأة.

وتضيف المنظمة في بيانها أنه "في 5 ديسمبر 2023، أدانت النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء فاطمة صالح العرولي (35 عاما) وحكمت عليها بالإعدام بتهمة التعامل مع العدو، في إشارة إلى الإمارات".

وأشارت إلى أن الناشطة "العرولي" الرئيسة السابقة لمكتب اليمن لاتحاد قيادات المرأة العربية، التابع لجامعة الدول العربية، "لم تتمتع بأي تمثيل قانوني في المحاكمة، ولم تتمكن عائلتها من الاتصال بها إلا مرتين منذ اعتقالها في أغسطس 2022".

وبحسب "نيكو جعفرنيا"، باحثة اليمن والبحرين في المنظمة، فقد "بلغ القمع ضد النشطاء الحقوقيين وناشطات حقوق المرأة في مناطق سيطرة الحوثيين مستويات جديدة مرعبة، إذ يقمع الحوثيون حقوق الإنسان والحريات بدل تزويد الناس تحت حكمهم بالضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء".

وأضافت أنه "شيئا فشيئا يحوّل الحوثيون حياة النساء والنشطاء الحقوقيين إلى جحيم في المناطق تحت سيطرتهم، ينبغي للحوثيين منح فاطمة محاكمة عادلة فورا وإنهاء قمعهم الواسع بحق النساء والنشطاء الحقوقيين تحت سيطرتهم".

أحكام تعسفية

وكانت ما تسمى المحكمة الجزائية المتخصصة التابعة لمليشيا الحوثي قد أصدرت، في 5 ديسمبر الجاري، قرارا يقضي بإعدام الناشطة فاطمة العرولي بـ"تهمة التخابر مع الإمارات"، بعد إجراءات محاكمة صورية وصفتها منظمات حقوقية محلية ودولية بأنها مسيسة وجائرة.

وقد طالبت المنظمة نفسها، في بيان سابق، مليشيا الحوثي بإنهاء قيودها فورا على حق النساء في حرية التنقل والتعبير والصحة والعمل في اليمن.

وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أن استمرار تلك الانتهاكات يسلط المزيد من الضوء على ضرورة أن تنشئ الأمم المتحدة آلية محاسبة مستقلة في البلاد.

وذكرت المنظمة في بيانها أن خبراء حقوقيين تابعين للأمم المتحدة أرسلوا كتابا إلى المليشيا الحوثية يعرضون فيه بالتفصيل "الانتهاك المنهجي لحقوق النساء والفتيات"، بما في ذلك حقهن في حرية التنقل وحرية التعبير والصحة والعمل، بالإضافة إلى تفشي التمييز ضدهن.

تهم كيدية

وتمارس مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها جرائم متعددة وانتهاكات واسعة بحق النساء، ابتداء بفرض القيود على حرية تنقل النساء، وإلزام النساء بزي معين، ومنعهن من العمل، وفرض قيود على تحركات الطالبات داخل الجامعات ومنعهن من الاختلاط بالطلاب، وملاحقات الناشطات منهن، واختطاف المئات من النساء من مختلف الأعمار تحت ذرائع واهية، وتلفيق التهم الكيدية ضدهن، بالإضافة إلى ما يعانينه من تعذيب وحشي داخل السجون الحوثية حسي ومعنوي، في حالة نادرة وغير مسبوقة ولم يعهدها المجتمع اليمني قبل انقلاب المليشيا الحوثية.

وفي الوقت الذي تفرض فيه المليشيا الحوثية قيودها وتصعد من انتهاكاتها ضد المرأة، فإنها أيضا تمنع منعا باتا وتجرم الحديث عن أي انتهاكات تمارسها بحق المرأة، حيث بات الحديث عن تلك الانتهاكات جريمة بحد ذاته، تستوجب السجن والمحاكمة وإنزال أقسى العقوبات، وهو الأمر الذي بات يتهدد النشطاء والحقوقيين في مناطق سيطرة الانقلاب، إذ صعّدت مليشيا الحوثي في الآونة الأخيرة من حملاتها لملاحقة واختطاف الناشطين والحقوقيين المعارضين لسياسة الفساد والإجرام التي تنتهجها المليشيا في توجه منها لاستهداف أي صوت مناوئ لسياستها.

حملة مسعورة

وقد نددت الحكومة اليمنية في وقت سابق بحملة الاعتقالات التي نفذتها مليشيا الحوثي في مناطق سيطرتها، والتي طالت إعلاميين وصحافيين ونشطاء، واعتبرت ذلك "انعكاسا لحالة الرعب التي تعيشها قيادات تلك المليشيا، وإدراكها لتنامي حالة الاحتقان الشعبي، ونضوج أسباب الانتفاضة القادمة لاقتلاعها من جذورها".

ويقول وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، في البيان، إن هذه الحملة التي وصفها بالمسعورة تذكر بممارسات نظام الملالي من أعمال قمع وتنكيل وإرهاب بحق المحتجين من شباب وفتيات وأطفال إيران، والتي فشلت في إخماد انتفاضتهم وأشعلت الغضب الشعبي في كل المحافظات الإيرانية.

واستغرب وزير الإعلام حالة الصمت الدولي إزاء جرائم الاختطاف والإخفاء القسري بحق النشطاء والإعلاميين والصحفيين، مطالباً بموقف واضح تجاه تلك الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها مليشيا الحوثي بحق المواطنين في مناطق سيطرتها، وملاحقة ومحاسبة المسؤولين عنها من عناصر وقيادات.

يأتي هذا التنديد بعد تصاعد عمليات الاختطاف والملاحقة والتهديد الذي طال ناشطين وحقوقيين وصحفيين لا سيما في العامين الأخيرين اللذين شهدا ارتفاعا ملحوظا لتلك الانتهاكات.

اغتيال الحقيقة

ويرى الناشط الحقوقي همدان العليي أن ما يتم في مناطق سيطرة الحوثيين هو استهداف للصحفيين وتكميم للأفواه إذ لا يسمح بالحديث مطلقا عن الجرائم والانتهاكات أو عن أوضاع الناس المأساوية أو ممارسات الفساد الواسعة، فصنعاء اليوم خالية من المراسلين الدوليين والصحف المستقلة.

ويضيف العليي "بعد أن كانت صنعاء حافلة بالعشرات من المطبوعات اليومية والأسبوعية والشهرية والمجلات الحزبية والمستقلة والأهلية والثقافية، لم يعد منها اليوم سوى خمس أو ست مطبوعات، وهي تابعة لمليشيا الحوثي، ولم يعد هناك سوى صوت مليشيا الحوثي فقط، والخوف يسيطر على الجميع".

ويتابع الناشط العليي في حديثه عن اغتيال الناشطين الحقوقيين في مناطق الانقلاب بالقول "مليشيا الحوثي تحرص جيداً على ألا تظهر ممارساتها وانتهاكاتها للعلن، وهي تبذل جهداً كبيراً لإخفاء هذه الجرائم، فالناشط الحقوقي والصحفي من أهم الأدوات التي تكشف للرأي العام المحلي والإقليمي والدولي هذه الجرائم، وهذا ما يجعل المليشيا تتعامل مع الصحفيين والناشطين الحقوقيين باعتبارهم أخطر من الرصاصة والدبابة والطائرة، إضافة إلى كون عملية الرصد والتوثيق والنشر، تكشف زيف الحوثيين وتفند ادعاءهم وأكاذيبهم عن حقوق الإنسان".

وعن دور المنظمات الحقوقية المعنية بحقوق الإنسان في مناطق الحوثيين، يقول العليي "في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين لا توجد منظمات حقوقية تعمل بمهنية وبشكل محايد، فهناك منظمات تعمل وفق المسموح لها به من قبل مليشيا الحوثي، ومن المهم أن نعرف أن هذه المليشيا منذ سيطرتها على صنعاء والمحافظات الأخرى، قامت بإغلاق كل المنظمات الحقوقية المستقلة، وأبقت على المنظمات التي لا تشكل تهديدا لها والتي لا تصدر عنها أي تقارير تدين الحوثيين بارتكاب انتهاكات".

وأشار إلى أن "المنظمات الحقوقية الدولية الموجودة بصنعاء لا تستطيع أن تمارس عملها بشكل محايد، وتعجز عن الوصول لضحايا الحوثيين، بل تستقي بياناتها ومعلوماتها من عناصر ومنظمات محلية يسيطر عليها الحوثيون".

انتهاكات متعددة

وقد وثقت منظمة حقوقية ارتكاب مليشيا الحوثي الانقلابية أكثر من 280 انتهاكا بحق ناشطين وحقوقيين في اليمن، خلال الفترة من مارس 2015 وحتى ديسمبر 2022.

ووثقت منظمة مساواة للحقوق والحريات نحو 287 حالة انتهاك متنوعة، طالت الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن خلال السنوات الماضية.

وتقول المنظمة في بيان صدر عنها في وقت سابق، إن الانتهاكات الموثقة لديها شملت حالات القتل والإصابة والاختطاف والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتهجير والتهديد والترهيب والفصل من الوظيفة العامة والمنع من السفر ونهب الممتلكات الخاصة.

وأوضحت أن تلك الانتهاكات سُجلت خلال الفترة من الأول من مارس 2015 وحتى العاشر من ديسمبر من العام 2022 في 13 محافظة يمنية، غالبيتها رُصدت في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بواقع 206 حالات انتهاك، وبنسبة تجاوزت 72% من إجمالي الانتهاكات.

وتشير منظمة مساواة إلى أن الإحصاءات لا تشمل كل الانتهاكات المرتكبة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان في اليمن بشكل عام، وإنما اقتصرت على الانتهاكات التي تمكنت المنظمة من توثيقها، واستهدفت الناشطين الأفراد المعرّفين في إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان الذي أقرّته في عام 1998.

الأكثر انتهاكا

وكان قد سبق بيان منظمة مساواة تقرير لمنظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان، كشف عن رصد 2268 انتهاكًا لحقوق الإنسان في اليمن خلال عام، منها أكثر من ألف حالة قتل وإصابة، غالبيتها ارتكبتها مليشيا الحوثي، فيما توزعت البقية على الفصائل المتمردة الأخرى في اليمن.

وذكر التقرير أن الانتهاكات المسجلة توزّعت بين 558 حالة قتل، و532 حالة إصابة، و555 حالة اختطاف، و43 حالة تعذيب.

وأوضح تقرير المنظمة أن مليشيا الحوثي تصدرت قائمة الجهات الأكثر انتهاكًا، بارتكابها نحو ألفي حالة انتهاك.

وقد أعقب بيان منظمة مساواة وتقرير منظمة رايتس رادار إقدام مليشيا الحوثي على اقتحام منزل ناشطة حقوقية في محافظة إب، ومصادرة محتوياته، ضمن حملة ترهيب متصاعدة للحد من أي معارضة أو ارتفاع أي صوت يعري جرائمهم وينتقد سياسة المليشيا من نهب وظلم وإذلال وقمع ضد سكان المحافظة.

كما يأتي ذلك عقب إحراق مسلحين موالين لمليشيا الحوثي في محافظة إب، سيارة المصور الصحفي فؤاد الشرعي، بعد أيام قلائل من حادث مماثل تعرض له ناشط حقوقي، على خلفية كتابات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إحراق سيارة الناشط مرسل الشبيبي في مدينة إب، على خلفية منشورات وانتقادات وجهها للسلطة الحوثية، انتقد فيها تدهور الأوضاع المعيشية وتفشي جرائم القتل ونهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة.

كلمات دالّة

#اليمن