السبت 27-04-2024 17:38:43 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

الرياضة اليمنية في مرمى الإرهاب الحوثي

السبت 23 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 04 مساءً / الإصلاح نت-خاص

كغيرها من مجالات الحياة في البلاد لم تسلم الرياضة اليمنية من عبث مليشيا الحوثي وفسادها الذي طال مختلف مناحي الحياة، بعد استيلائها على السلطة وانفرادها بإدارة مناطق واسعة من اليمن، حيث تضرر هذا القطاع بشكل كبير جراء الفساد الحوثي المستشري في البلاد.

ووفقا لأدبيات المليشيا الحوثية وثقافتها فإنها تعتبر الرياضة من الأمور غير المقبولة، كونها تصرف الشباب عن أمور واجبة وأكثر أهمية، إذ إنها تمثل عائقا كبيرا للشباب من الالتحاق بجبهات القتال، وتصد عن الجهاد وفق الثقافة الحوثية.

 

فساد ذو حدين

وقد كشفت صحيفة "الشرق الأوسط" في وقت سابق أن المليشيا الحوثية ''جمدت حساب الصندوق المخصص لدعم النشء ورعاية الشباب بعد تعليمات من القيادي أحمد حامد، المعيّن مديراً لمكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب في صنعاء، إذ تم وقف حساباته المصرفية وتحويلها إلى ما يسمى المجهود الحربي ودعم جبهات القتال".

وأضافت أن مليشيا الحوثي "لم تكتف بقطع مخصصات الأندية وامتصاص موارد الصندوق، بل سعت إلى حجز أموال الأندية التي تملك استثمارات تجارية وعقارية".

وبحسب المسؤول الإداري في نادي الشعب حسين المقبلي، فإن عائدات الأندية التي تملك استثمارات "تبلغ عشرات الملايين، ويتنوع الاستثمار لدى بعض الأندية بين عقارات مؤجرة وفنادق ومطاعم، إذ يصل دخل النادي الأهلي في صنعاء 10 ملايين ريال شهرياً، ويصل في نادي الوحدة إلى 6 ملايين، بينما يصل في نادي (22 مايو) إلى أكثر من 15 مليوناً، أما في نادي الشعب فيصل إلى نحو 4 ملايين ريال".



طوفان الدمار

وتجسيدا لطبيعتها الإجرامية فقد مارست مليشيا الحوثي عبثها بالقطاع الرياضي بشكل متعمد وبأسلوب ممنهج، سعيا منها للحد من الأنشطة الرياضية، واستهداف ثقافتها، معتبرة إياها منافية للثقافة الإسلامية، وملهية للشباب بما لا ينفعهم، حيث عملت طيلة سنوات الانقلاب على تقويض العملية الرياضية، ومنع الكثير من الأنشطة المقامة بشكل دوري، وإغلاق العديد من الأندية والمرافق الرياضية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة ضمن سلطة الانقلاب.

وقد حوّلت المليشيا الحوثية الكثير من المرافق والمنشآت الرياضية إلى سجون ومعتقلات وأماكن للتعذيب، كما حولت مقرات الاتحادات الرياضية إلى استراحات وأماكن لاجتماعاتها ولقاءاتها، وحولت الأندية إلى معسكرات للتدريب واستقطاب الشباب وتجنيدهم والزج بهم في جبهات القتال، بينما حولت الملاعب والصالات الرياضية إلى ثكنات عسكرية لتخزين الأسلحة والمعدات الحربية، بحسب مصادر رياضية.

ولم تتوقف الانتهاكات الحوثية للقطاع الرياضي عند هذا الحد، والتي تمارسها ضد المنشآت الرياضية، بل شملت عددا آخر بينها استاد الثورة الدولي في صنعاء (الشهيد المريسي)، والذي عادة ما يحتضن المواجهات الرياضية للمنتخب اليمني، حيث حولته المليشيا إلى مقر لتدريب ما تسميهن "الزينبيات"، كما حوّلت ملعب الظرافي في صنعاء إلى مركز تدريب آخر لعناصرها، فيما حولت الصالة الرياضية المغلقة (22 مايو) وبيوت الشباب إلى سجون تمارس فيها المليشيا وحشيتها بشكل يومي.

ملعب مدينة عمران هو الآخر طاله العبث والانتهاك، حيث حولته المليشيا إلى سجون خاصة، كما طالت يد العبث أيضا ملعب إب الشهير، واليرموك في صنعاء، وحقات في عدن، والوحدة في أبين، والصقر في تعز، ضمن طوفان خراب المليشيا الحوثية للمنشآت الرياضية.

وبحسب وزير الشباب والرياضة في الحكومة الشرعية في تصريح له في وقت سابق، فإن "70% من المنشآت الرياضية تضررت بشكل جزئي أو بشكل كامل، بسبب الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي على المدن اليمنية، أبرزها ملعب 22 مايو الدولي في عدن، وملعب نادي الوحدة، وكل منشآت نادي التلال في عدن، وكذلك ملعب نادي الصقر، وملعب الحبيشي في مدينة تعز، كما شمل التخريب المدينة الرياضية وملعب الكبسي في مدينة إب، والمدينة الرياضية و ملعب العلفي في مدينة الحديدة، إضافة إلى ملعب معاوية في لحج، وملعب الظرافي وملعب الشهيد العلفي، وبيت الشباب وقصر الشباب في مدينة صنعاء، كما لم يسلم استاد ذمار الدولي من التخريب".

 

غول النهب

ووفقا لتقارير محلية فإن خمس صالات رياضية في صنعاء وإب وعمران أغلقت أبوابها في العام الأول للحرب، واستولت مليشيا الحوثي على معدات وتجهيزات تلك الصالات، في خطوة لاقت استنكارا شعبيا واسعا، ووصفها ناشطون بأنها تعبر عن العقلية الحوثية المتخلفة، إذ كيف لمليشيا بهذه العقلية أن تدير مؤسسات الدولة المختلفة مدنية وعسكرية، بينما لم تسلم من غول فسادها حتى الصالات الرياضية وأجهزتها ومعداتها، بالإضافة إلى نظرتها الضيقة والمتحجرة للحياة وعدم قناعتها بالكثير من شؤونها العصرية.

وقد أنشأت مليشيا الحوثي وحدة خاصة بالرياضة أطلقت عليها اسم "وحدة التعبئة الرياضية" تتبع ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، تهدف المليشيا من خلالها إلى استمالة الرياضيين والشباب من المنخرطين في المراكز الرياضية والأندية والتأثير عليهم، وصولا الى أندية الأحياء الشعبية.

فعلى الرغم من محاربة المليشيا الحوثية للرياضة وتقويض أنشطتها واختفاء الكثير منها، إلا أنها أبقت على بعض الأنشطة الرياضية وأحيت أخرى، بهدف استقطاب الرياضيين واستمالتهم من خلال تلك الأنشطة للانخراط في الحروب التي تشعلها المليشيا بين الفينة والأخرى في جبهاتها المختلفة، إذ ووفقا لتأكيدات رياضية فقد تجاوز عدد من جندتهم المليشيا الحوثية من الرياضيين سقف 2000 رياضي حتى أكتوبر من العام 2021 فقط، جلهم من صغار السن والمراهقين.

وقد وسعت مليشيا الحوثي من دائرة فسادها ونهبها لمخصصات الرياضة واستهدافها لكل ما له صلة بها، ما يكشف أن المليشيا الحوثية تشن حربا متعمدة وبطريقة ممنهجة على الرياضة والرياضيين.

كما سجلت تقارير محلية في وقت سابق العديد من الانتهاكات الحوثية بحق قطاع الرياضة، تصدرت محافظة إب قائمة المدن التي طال مرافقها الرياضية الاستهداف الحوثي، تلتها العاصمة صنعاء التي تعرض قطاع الرياضة فيها لتدمير واسع.

 

هستيريا مسلحة

مؤخرا نفذت ميليشيا الحوثية حملة ميدانية تستهدف الأكاديميات الرياضية والنوادي الصحية ومراكز الألعاب الإلكترونية في العاصمة اليمنية صنعاء، ضمن توجه للمليشيا وصف بأنه يأتي لجمع الإتاوات، وفرض أنشطة ذات منهج طائفي.

وتفيد مصادر مطلعة بأن هدف المليشيا من وراء ذلك هو "قطع الطريق أمام الأطفال والشبان والرياضيين للالتحاق بأي فعاليات أو أنشطة أو مسابقات رياضية، وإجبارهم على الانخراط في صفوفها، كما يندرج ذلك التعسف ضمن مساعٍ لشن حملات استقطاب وتجنيد جديدة بصفوف الأطفال والشبان بين 9 أعوام و25 عاماً ممن التحقوا بالأكاديميات الرياضية والنوادي الصحية أو مراكز الألعاب الإلكترونية".

الحملة التي تشنها المليشيا الحوثية لاستهداف الأندية والأكاديميات الرياضية، سبقتها بحملة تحريض ضد العاملين بهذا القطاع، مع توجيه اتهامات لهم بالعمل العشوائي بعيداً عن أعين ورقابة أجهزتها الأمنية.

كما شدد نشطاء محسوبون على المليشيا الحوثية على ضرورة وضع ما يسمى "آلية وإدارات مختصة" من قبل وزارتي التعليم والرياضة بحكومة الانقلاب، للقيام بتولي الإشراف المباشر على الأنشطة التي تقيمها الأكاديميات الرياضية والنوادي ومراكز الألعاب، بالإضافة إلى الالتزام بتنظيم أنشطة ومسابقات تقترحها الوزارتان الحوثيتان.

وقد اشتكى مديرو أكاديميات وملاك أندية ومراكز بصنعاء من استهداف الحوثيين لهم دون مبرر تحت مسميات ومزاعم غير منطقية.

ويقول مدير لأحد الأكاديميات الرياضية في صنعاء، فضل عدم ذكر اسمه، أنه استهدف في أغسطس من العام الجاري 2023 بحملة مدعومة بمسلحين حوثيين، طلبوا منه تقديم معلومات متكاملة عن الأكاديمية والعاملين فيها، بالإضافة إلى إرفاق كشوف بأسماء الأطفال والشبان المنتسبين إليها، كما أوقفت الحملة فور وصولها مقر الأكاديمية الأنشطة الرياضية كلها، خاصة المتعلقة بكرة القدم التي يلتحق بها معظم الأطفال والنشء لتعلم بعض المهارات الخاصة بها.

 

حاميها حراميها

وتنوعت الانتهاكات الحوثية ضد الرياضة بين السطو على أراضٍ تعود ملكيتها لأندية واتحادات رياضية وتحويل منشآت إلى أماكن للسكن وعقد اللقاءات الطائفية وعمليات دهم ونهب لمقار أندية، وتدمير للملاعب، واختطاف لاعبين وقتل آخرين، وغيرها من الانتهاكات.

وضمن سلسلة جرائمها المتكررة فقد قامت قيادات حوثية نافذة تنحدر من محافظة صعدة في يونيو من العام 2021 بالسطو بقوة السلاح على مساحة كبيرة من أرض تابعة لنادي الفروسية في منطقة حزيز جنوب صنعاء، موضحة أن المليشيا باشرت بالتصرف بها كما لو أنها ملكية خاصة فور عملية السطو على الأرض، من خلال بيع نصف مساحتها لشخصيات حوثية أخرى، بالتواطؤ مع القيادي الحوثي المعين وزيراً للشباب والرياضة في حكومة الانقلاب محمد المؤيدي.

وفي ديسمبر من العام 2021، نفذ الوزير الحوثي ذاته، محمد المؤيدي، عملية سطو أخرى على مبنى كبير مخصص للطب الرياضي وسط العاصمة صنعاء وتحويله إلى سكن له ولأقاربه ومنحهم مبنىً صغير كمقر بديل، وأكدت أن الوزير المذكور استولى على مبنى الطب الرياضي في صنعاء وحوله إلى مسكن خاص، وباشر في إفراغ مبنى الطب الرياضي من الأجهزة والمعدات وحوله لمقر إقامته، ووجه بنقل المعدات إلى المكان البديل، رغم عدم توفر المواصفات المطلوبة، في خطوة وصفها ناشطون أنها تمثل جريمة أخرى تضاف إلى جرائم المليشيا في حق الرياضة والقطاع الرياضي، مشيرين إلى أن المركز كان يقدم خدمات طبية وعلاجية متنوعة للمصابين بالجلطات والحوادث المرورية وغيرها من الخدمات.

 

جرائم وحشية

انتهاكات الحوثيين المتكررة بحق الرياضة اليمنية والرياضيين التي تأتي بشكل ممنهج لتدمير البنية التحتية للرياضة اليمنية، لم تقتصر على استهداف المنشآت الرياضية ومصادرة مرافق الرياضة وأنديتها ونهب الأموال المخصصة لهذا القطاع فحسب، بل وصل الحال بالمليشيا الحوثية إلى استهداف حياة الرياضيين أنفسهم، تعبيرا عن حقد المليشيا على الرياضة ومنتسبيها في البلاد.

فقد خسرت الرياضة اليمنية العديد من خيرة رموزها الرياضية وأبرز المنتمين لها، سواء ممن نجحت المليشيا الحوثية بجرهم للجبهات ترغيبا وترهيبا والذين لقوا حتفهم في أتون تلك الحرب، أو من الرياضيين الذين قضوا على أيدي مسلحي المليشيا، أو ممن غيبتهم المليشيا في سجونها.

وبحسب المنسق الإعلامي بمكتب وزير الشباب والرياضة ماجد الطياشي، فإن "ما يقارب 15 لاعبًا تم تصفيتهم من قبل الحوثيين، بالإضافة إلى اعتقال العديد من اللاعبين، فالبعض تم الإفراج عنه والبعض الآخر ما زال في قبضة الحوثي، كما تم اعتقال 4 صحفيين رياضيين وهم أحمد ناصر مهدي، وقاسم البعيصي، وعباد الجرادي، وماجد ياسين، فيما تمنع المليشيا أي زيارات لعوائل المختطفين لمعرفة مصير أبنائها".

وقد أقدم مسلحو المليشيا في أكتوبر من العام 2018 على اختطاف لاعب منتخب اليمن وليد الحبيشي بمحافظة البيضاء والذي أثار اختطافه غضبا شديدا وجدلاً واسعاً لدى اليمنيين، حيث جاء اختطاف الحبيشي لدى محاولته اللحاق بمعسكر تدريب المنتخب الوطني الذي كان يستعد للمشاركة في كأس آسيا.

وفي أبريل من العام 2021 قتل لاعب كرة القدم وأحد النجوم الرياضية الصاعدة حبيب الشرعبي برصاص أحد الجنود في نقطة حوثية بمنطقة سائلة جبلة بمحافظة إب.

وفي مارس من العام الجاري 2023 قُتل اللاعب الرياضي أمجد الجابري (22 عاما) برصاص مليشيا الحوثي بمديرية حيفان جنوبي محافظة تعز بعد قيام عناصر حوثية بمهاجمة مباراة رياضية لكرة القدم بين الشباب الرياضيين من أبناء قرية الكرب جنوب تعز، دون سابق إنذار، حيث فتح المسلحون نيران أسلحتهم مما أدى إلى اختراق رصاصة لظهر اللاعب الجابري الذي ظل ينزف حتى فارق الحياة.

كلمات دالّة

#اليمن