الثلاثاء 23-04-2024 21:36:11 م : 14 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

جرائم وانتهاكات يومية.. كيف حول الحوثيون حياة اليمنيين إلى جحيم؟

الثلاثاء 25 فبراير-شباط 2020 الساعة 10 مساءً / الاصلاح نت- خاص

 

تتعدد وسائل الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثيين في المحافظات التي تسيطر عليها، كانعكاس لأسلوبها الإجرامي، وتتعمد المبالغة في ذلك، بغرض تعزيز نفوذها وإحكام سيطرتها ووضع حد لأي انتفاضة شعبية محتملة ضدها، حيث تتعمد انتهاج أسلوب إذلال المجتمع وجعله يعيش حالة من القلق والخوف والاضطراب، ضاربة عرض الحائط بكل التعاليم الدينية والقيم والأخلاق والعادات والتقاليد، ولم تعد ترقب في مؤمن إلًّا ولا ذمة، ووصل سقوطها الأخلاقي لدرجة غير مسبوقة، باختطافها للنساء وتعذيبهن وابتزاز أهاليهن واتهامهن بتهم تمس أعراضهن وأعراض أسرهن.

لقد تحولت حياة المواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية إلى جحيم لا يطاق، ويزداد الوضع سوءا كلما طال أمد الحرب، ووصلت الانتهاكات لدرجة لم يسمح فيها للضحية حتى بالأنين أو نقل معاناته وما يتعرض له من انتهاكات إلى وسائل الإعلام، تحت التهديد بالعقاب في حال حصول ذلك، ويزداد الأمر سوءا فيما يتعلق بظاهرة اختطاف النساء والفتيات، حيث تتحفظ معظم الأسر اليمنية عن الإبلاغ باختفاء فتيات أو نساء واختطافهن من قبل الحوثيين خشية العار وتأثير ذلك على الأعراض وسمعة الأسر، بالإضافة إلى اختطاف وتجنيد الأطفال، وغير ذلك من الانتهاكات.

- اختطاف النساء

يبرر الحوثيون انتهاكاتهم الفظيعة بحق المواطنين واعتداءاتهم على الأعراض بأنها حراسة للفضيلة، في حين أن ممارساتهم تؤكدم سقوطهم الأخلاقي إلى أدنى مستوى، بل فممارساتهم بزعم حراسة الفضيلة تعكس ذروة السقوط الأخلاقي، خاصة ما يتعلق باختطاف النساء والفتيات والأطفال. هذه الممارسات الحوثية جاءت بعد أن تحدثت تقارير إعلامية عن ازدهار الدعارة في العاصمة صنعاء بعد سيطرة الحوثيين عليها، وكشفت عن تورط قيادات حوثية في إدارة شبكات دعارة وشبكات للإتجار بالبشر، وأمام هذه الفضائح التي تلحق بالحوثيين، بدؤوا باختطاف نساء وفتيات صغار في السن من المعاهد والحدائق والمقاهي والشوارع بذريعة الاختلاط، بل ووصل الحال بهم إلى اتهام بعض من يختطفونهن بأنهن يدرن شبكات دعارة، أي أنهم ينفون التهمة عن أنفسهم ويلحقونها بالبريئات.

وشكلت ظاهرة اختطاف النساء والفتيات في مناطق سيطرة الحوثيين محور اهتمام وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية خلال الشهور القليلة الماضية، وصدرت تقارير حقوقية عن عدة منظمات كشفت تفاصيل مروعة عن هذه الظاهرة، كان آخرها تقرير صادر عن منظمة رايتس رادار، منتصف ديسمبر الماضي، والذي رصد اختطاف أكثر من 35 فتاة خلال الفترة القليلة الماضية في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثيين.

واتهمت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان، ومقرها أمستردام، في بيان لها، قيادات في المليشيات الحوثية بالتورط في اختطاف بعضهن، وذلك من خلال مليشيات نسائية.

وقالت المنظمة إن تصاعد ظاهرة اختطاف الفتيات والطالبات في مناطق سيطرة الحوثيين، تمثل سابقة خطيرة وغير مسبوقة تمس المجتمع اليمني ككل، مشددة على ضرورة التحرك الدولي السريع لوقف هذه الجرائم والممارسات التي تنفذها مليشيات نسائية تابعة للحوثيين. وأشارت إلى أن اختطاف الفتيات يأتي "للضغط على أسرهن.. ولحسابات أخرى لم تعرف بعد"، وأن مكان احتجازهن وإخفائهن مجهول حتى اليوم.

ونقلت المنظمة عن مصادر بمحافظة المحويت قولها إن عددا من الفتيات بمدينة الطويلة "كن يتعلمن التفصيل وخياطة الملابس عند إحدى معلمات الخياطة في محل للخياطة، بعد إعطائهن مادة مخدرة -غير معروفة- ونقلهن إلى بيت للدعارة ثم نقلهن إلى السجن بعد ذلك". وقال والد إحداهن إن ابنته المختطفة تم نقلها من بيت الدعارة إلى سجن في صنعاء مع ثلاثين مختطفة أخرى من مناطق مختلفة وما زالت مختطفة حتى الآن (لحظة صدور تقرير المنظمة).

وأشارت المنظمة إلى اختطاف 3 فتيات يومي السابع والثامن من ديسمبر 2019 في صنعاء، "منهن فتاتان شقيقتان الكبرى 18سنة والصغرى 13 سنة، في حي الأعناب بصنعاء، وهن في طريقهن للعمل في حي النهضة المجاور"، وأما الثالثة فهي طفلة في الثامنة من عمرها اختطفت من أمام منزلها في منطقة معين، ووفقا لشهود عيان فإن "الخاطفات مليشيات نسائية يتبعن جماعة الحوثي".

ولفت بيان المنظمة إلى مداهمة عناصر مسلحة تابعة لجماعة الحوثي معهدا للغات في منطقة حدة يوم الاثنين 9 ديسمبر/كانون أول 2019، واختطاف نساء يعملن في المعهد، مشيراً إلى قيام سلطات الحوثيين ممثلة بمدير البحث الجنائي التابع لها في صنعاء، بـ"تلفيق تهما لهن، مخلة بالشرف والأخلاق، من بينها تهمة الدعارة، لتبرير عملية الاختطاف والإخفاء القسري".

وكانت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالبشر قد تحدثت في تقرير لها عن اختطاف المليشيات الحوثية لأكثر من 160 امرأة، وإحالة 55 منهن للمحاكمة بعد تلفيق تهم الدعارة والتقاط صورهن، بينما أفاد تقرير لمنظمة "سام" باختطاف أكثر من 300 امرأة وإخفائهن في سجون سرية واتهامهن بالدعارة، مؤكدة تعرضهن لانتهاكات جسيمة وتعذيب جسدي وجنسي، إضافة إلى ابتزاز ذويهن وطلب فدية مالية كبيرة.

- "ماذا بقي لنا؟"

وفي وقت سابق، أصدرت منظمة "سام" للحقوق والحريات تقريرا بعنوان "ماذا بقي لنا؟"، وثقت فيه ما تتعرض له النساء في سجون ومعتقلات المليشيات الحوثية، بما في ذلك سجون أقسام الشرطة والنقاط العسكرية.

وتضمن التقرير شهادات لضحايا وأقارب ضحايا وشهود عيان، تحدثوا عن اعتقالات تعسفية وتعذيب نفسي وجسدي، وانتهاكات جسيمة تتعرض لها النساء في سجون مليشيات الحوثيين.

وأكدت المنظمة في تقريرها أن نساء معتقلات تعرضن للتعذيب الشديد والمعاملة القاسية، مما دفعهن لمحاولة الانتحار. وأشارت إلى أن الحوثيين شكلوا جهازا أمنيا خاصا بالنساء، وظيفته المشاركة في اقتحام المنازل واعتقال النساء واستدراجهن، وجمع معلومات ميدانية عن الخصوم.

وأوضحت أنها رصدت مواقع لاعتقال وإخفاء النساء، شملت أماكن مهجورة تستخدم للتحقيق والتعذيب النفسي، وبيوت مواطنين تم إجبار أصحابها على تركها، وأقسام شرطة تسيطر عليها مليشيات الحوثيين.

- جرائم حرب ضد الطفولة

لم يسلم الأطفال من انتهاكات المليشيات الحوثية، بل فهم يعدون الأكثر تضررا من مختلف الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون ضد مختلف فئات المجتمع، كما أن الأطفال هم أكثر الفئات التي تتعدد الانتهاكات بحقهم، بحسب تقارير لمنظمات حقوقية محلية وأجنبية رصدت عددا من تلك الانتهاكات ويأتي في مقدمتها اختطافهم أو استدراجهم والزج بهم إلى جبهات القتال بدون معرفة أهاليهم بذلك.

وقال رئيس المركز الدولي للإعلام والتنمية الدكتور خالد عبد الكريم، يوم الاثنين (25 فبراير 2020)، إن مليشيات الحوثي جندت 346 طفلاً خلال العام 2019، في 14 محافظة، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".

جاء ذلك في الندوة التي نظمها التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان بالتعاون مع المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام في اليمن، على هامش الدورة 43 لجلسات مجلس حقوق الإنسان بمدينة جنيف في سويسرا بعنوان "الانتهاكات الحوثية واقع مستمر.. التعليم نموذجا".

وبحسب عبد الكريم، فإن المعلومات التي جمعها فريق الرصد الميداني للمنظمة توضح أن من بين العدد الإجمالي المرصود في العام 2019 قد قُتل 89 طفلاً مجنداً في المعارك، وأن 113 طفلاً لا يزالون يقاتلون في المعارك، بينما 136 طفلاً لا يعرف مصيرهم، وثمانية أطفال عادوا إلى ذويهم.

وفي وقت سابق، كشفت تقارير يمنية محلية وأخرى دولية عن حجم المآسي والمعاناة التي لحقت بالطفولة في اليمن جراء الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعة منذ أواخر 2014، حيث رصدت التقارير قيام المليشيات بارتكاب 65 ألف انتهاك بحق الأطفال تنوعت بين القتل والتجنيد والإخفاء والحرمان من التعليم.

وأوضحت التقارير أن المليشيات الحوثية انتهجت أساليب إرهابية، ومارست أبشع الانتهاكات بحق الأطفال في اليمن، وعملت على حرمانهم من الخدمات كافة التي كفلتها القوانين والمبادئ الدولية، وزجت بهم في المعارك وأجبرتهم على التجنيد، وحالت دون التحاقهم بالتعليم.

ورصدت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بالتعاون مع 13 منظمة دولية، أكثر من 65 ألف واقعة انتهاك حوثية بحق الطفولة في اليمن، في 17 محافظة يمنية منذ 1 يناير/كانون الثاني 2015 وحتى 30 أغسطس/آب 2019.

وبيّن تقرير الشبكة أن المليشيات قتلت خلال الفترة نفسها 3 آلاف و888 طفلاً بشكل مباشر، وأصابت 5 آلاف و357 طفلاً، وتسببت في إعاقة 164 طفلاً إعاقة دائمة جراء المقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية المكتظة بالأطفال.

وأوضح أن هناك قرابة 456 طفلاً تعرضوا للاختطاف من قبل الحوثيين وما زالوا خلف قضبان المليشيات الحوثية، في حين تسببت في تهجير 43 ألفاً و608 أطفال آخرين. ولفت التقرير إلى أن هناك نحو 12 ألفاً و341 طفلاً دفعت بهم المليشيات إلى مختلف جبهات القتال.

وطالبت الشبكة المجتمع الدولي بالخروج عن صمته المخزي، والتحرك الجاد لوقف تلك الانتهاكات بحق الطفولة والجرائم المنافية لكل القيم والمبادئ الأخلاقية والأعراف الدولية والإنسانية والقوانين المحلية.

وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، تقدم المنتدى العربي الأوروبي لحقوق الإنسان بمذكرة تكشف تجنيد مليشيات الحوثي 23 ألف طفل يمني في البلاد، وذلك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في العاصمة السويسرية جنيف، خلال دورته الثانية والأربعين.

وتقدمت المنظمة الحقوقية، ومقرها جنيف، بالمذكرة تحت البند الرابع نقاش عام بعنوان الحالات التي تستعدي لفت نظر المجلس الدولي لحقوق الإنسان، أكدت فيها توقيع اليمن على الاتفاقية الخاصة بحقوق الطفل، ومصادقتها على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل، مضيفة أنه منذ الانقلاب الحوثي يشهد اليمن انتكاسة واسعة في حماية حقوق الطفل.

وذكرت أنه وفقاً للتقارير الأممية فإن مليشيات الحوثي جندت 23 ألف طفل يمني ما يعد جريمة حرب بحسب القانون الدولي الإنساني الذي يمنع تجنيد الأطفال.

وطالبت المنظمة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والحقوقية بضرورة توفير الحماية الكاملة للأطفال أثناء النزاع، والسعي لإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية ومحاسبة الحوثيين على جرائم الحرب التي يرتكبونها بحق أطفال اليمن.

- انتهاكات متعددة

وتتعدد الانتهاكات التي تمارسها المليشيات الحوثية ضد مختلف فئات المجتمع في المحافظات والمناطق التي تسيطر عليها، والتي تكشف في مجملها الوجه القبيح والبشع للمليشيات الحوثية، وتؤكد تلك الانتهاكات والجرائم بأن السقوط الأخلاقي لمليشيات الحوثيين الإرهابية فاق إجرام نظيراتها من المليشيات الإرهابية بحق المدنيين، مثل تنظيمي "داعش" و"القاعدة".

وبالإضافة إلى جرائم المليشيات بحق الأطفال النساء، فهناك جرائم أخرى تطال مختلف فئات المجتمع، مثل: الاختطافات العشوائية لشباب ومراهقين من الأسر الميسورة وابتزاز أهاليهم وعدم الإفراج عنهم إلا بمقابل دفع مبالغ مالية باهظة بواسطة سماسرة يعملون مع المليشيات، وفرض الإتاوات على مختلف التجار وحتى صغار المزارعين والمغتربين في الخارج بذريعة دعم ما يسمى "المجهود الحربي".

يضاف إلى ذلك تطييف التعليم وتدهوره، وفرض ضرائب باهظة على التجار ينعكس ضررها على المواطنين بزيادة أسعار مختلف المواد الغذائية، ونهب القطاع الخاص وتدميره، ونهب رواتب الموظفين، ونهب أراضي المواطنين ومنازل الخصوم السياسيين، وغير ذلك من الانتهاكات التي لم يسلم منها أحد من المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية.

كلمات دالّة

#اليمن