الخميس 28-03-2024 14:12:03 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

اليمن في ظل حكم المليشيا الحوثية (1).. سلوك العصابات

السبت 22 يونيو-حزيران 2019 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت – خاص

  

رغم إسقاطها للدولة اليمنية وعاصمتها في سبتمبر 2014، وفرض سلطتها المليشاوية كسلطة أمر واقع، لم تنفك مليشيا الحوثي الانقلابية عن ممارسة سلوك العصابات، الذي بدأته في جبال مران بمحافظة صعدة في نهايات القرن الماضي، وهو السلوك القائم على الاعتداء والقتل والنهب والاختطافات وكل الممارسات الهمجية التي عرفت بها العصابات عبر التاريخ البشري.

وكعادة العصابات بدأت مليشيات الحوثي كعصابة صغيرة في كهوف مران، تمارس الانتهاكات والمغامرات الطائشة، وتنتهج النزق السلالي الهمجي، الذي انتهجه رموز الإمامة في اليمن، ذلك أنها تعتقد أن نهج ترهيب المجتمعات والخصوم كطبيعة متجذرة في المشروع الإمامي السلالي، هو الطريق لتحقيق غاياتها وإشباع شهيتها في السلطة، وترى أن استخدام العنف وفرض قانونها الشاذ على المجتمع وشبابه، والسعي لتوفير احتياجاتها من المال والسلاح لاستكمال مشروعها هو السبيل لعودة بسط سيطرتها على اليمن وشعبه، الذي ثار على الإمامة في 26 سبتمبر 1962.

تمارس المليشيات الحوثية كل أعمال العصابات من السرقة وأعمال العنف والقتل اليومي، مستغلة عدوانية وتمرد أفرادها الذين يفتقدون للقيم الاجتماعية والأخلاقية، فضلاً عن عدم إقامة أي اعتبار للأطر القانونية التي تضع أعمالهم في خانة الجرائم الجسيمة، وغير عابئة بما تحدثه من تدمير للسلم الاجتماعي.

وحتى بعد إحكام سيطرتها على مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، إلا أن سلوك العصابات هو من يحكم المليشيات الحوثية داخل هذه المؤسسات، بل إن هذا السلوك يزداد كلما ازدادت سطوة المليشيات، التي تمارس نفس السلوكيات التي يمارسها حزب الله وبقية العصابات الممولة من طهران.

القتل اليومي

ومنذ انقلاب مليشيات الحوثي الموالية لإيران على الدولة في اليمن، تنوعت جرائم هذه المليشيات بحق اليمنيين، قتلاً واختطافاً وتعذيباً ونهباً للأموال والممتلكات، وتجنيد الأطفال وتفجير المنازل.

وفي آخر إحصائية في هذا الصدد أصدرها التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان للعام 2018 فقط، كشف فيها عن حجم جرائم العصابات الحوثية بالأرقام، حيث قتلت 1224 مدنياً وأصابت 1220 آخرين، بينهم 332 طفلاً، ومن بين الضحايا قرابة 200 مدني أصيبوا جراء انفجار الألغام التي زرعها الحوثيون في طول البلاد وعرضها، بينهم 31 طفلاً.

وفي ذات العام أعدمت مليشيات الحوثي 34 مدنياً خارج إطار القضاء، في حين قتل حوالي 40 مختطفاً تحت التعذيب داخل سجون المليشيات السلالية.

ولتكوين صورة عن حجم جرائم عصابات الحوثي بحق أبناء الشعب اليمني، فإن تقريراً حقوقياً قد سجل 159 حالة قتل بين المدنيين في صنعاء وحدها خلال العام 2017 فقط، و236 حالة إصابة، وبلغ الحد أن مسلحاً من هذه العصابات يقتل مواطناً أو أحد رجال الأعمال بدمٍ بارد بسبب رفضه دفع إتاوة، أو قتل الرياضيين كما فعلها مشرف العصابات الحوثية في مدينة معبر بذمار، وآخرها قتل الحوثيين للاعب نادي الهلال الساحلي بالحديدة عبد الله البزاز في مارس 2018.

الخطف والإخفاء والسجن

دأبت العصابات الحوثية الإيرانية على ممارسة الخطف والإخفاء القسري والتعذيب بحق المناهضين للمشروع السلالي الإمامي، ولعل الأرقام الصادمة التي تعلنها المنظمات الحقوقية شهرياً عن أعداد المختطفين والمخفيين توضح مدى جرم الحوثيين، فهناك آلاف من المختطفين ومئات المخفيين قسرياً، في حين تبقى الأرقام في تصاعد مستمر باستمرار بقاء عصابات الحوثي، التي فتحت شهيتها على جرائم التعذيب المروع داخل سجونها.

آلاف المختطفين والمخفيين قسرياً من المدنيين بين ناشطين وإعلاميين وسياسيين وتربويين تعرضوا لجلسات تعذيب أدت إلى قتل ما يربو على 130 مختطفاً، بينما أصيب العشرات بأمراض وعاهات بسبب التعذيب القاسي، فضلاً عن تعرضهم للتعذيب النفسي والتجويع والتهديد.

سلوك همجي ضد النساء

ولم تبقِ عصابات الحوثي على خصوصية النساء في المجتمع اليمني، في احترام المرأة ورفض التعرض لها بسوء، بل اتخذت العنف طريقاً للتعامل مع كل الأصوات المناوئة وحتى بحق النساء.

وفي مارس من العام الجاري، أعلنت المنظمة اليمنية لمكافحة الإتجار بالشر أن عدد النساء المختطفات والمخفيات قسرياً في سجون العصابات الحوثية تجاوز 160 امرأة، بينما تواصل المليشيات ممارسة أشد أنواع الانتهاكات بشاعة وفظاعة بحق النساء في مناطق سيطرتها، وهي انتهاكات غير مسبوقة في تاريخ اليمن.

وتتعرض المختطفات والمخفيات لصنوف التعذيب والابتزاز وتلفيق التهم، حتى وصلت إلى حد اعتراف قيادات حوثية بجرم مليشياتهم تجاه نساء اليمن، في حين تستمر عصابات الحوثي في سقوطها الأخلاقي.

تفجير المنازل

يُعد تفجير المنازل جريمة إمامية بامتياز وإرهاب من نوع آخر في اليمن، مارسها أئمة السلالة منذ قرون ضد اليمنيين، وجاءت عصابات الحوثي لتحيي هذه الجريمة، منذ حروبها ضد أبناء محافظة صعدة، وصولاً إلى المحافظات الجنوبية، قبل أن تنحسر مليشيات الحوثي منها بعد التحرير.

فقد كشف تحالف "رصد" عن تدمير الحوثي 922 منزلاً وممتلكاً خاصاً وعاماً في 21 محافظة يمنية وصلت إليها حشود الظلام بين سبتمبر 2014 وحتى أكتوبر 2018، حيث فجرت مليشيات الإرهاب الحوثية 833 ممتلكاً خاصاً، و89 ممتلكاً عاماً.

ودشنت عصابات الحوثي العام 2019 بتدمير جماعي ممنهج لمنازل المواطنين في مديريات كشر بمحافظة حجة. وفي جريمة غير مسبوقة، فجرت المليشيات منازل سكان قرية النامرة (13 منزلاً)، الذين أجبرتهم الحرب على مغادرتها والبحث عن مناطق آمنة.

نهب الأملاك

تحتفظ عصابات الحوثي بسجل أسود في النهب لكل ما تمر عليه من ممتلكات خاصة وعامة، بدأتها بنهب المؤسسات الحكومية والبنك المركزي اليمني، ووصلت إلى نهب رواتب موظفي الدولة منذ نهاية 2016، ووصلت إلى نهب التجار ورجال الأعمال وشركات الصرافة.

وتمارس عصابات الحوثي عمليات جباية الأموال من اليمنيين مستغلة سيطرتها على مؤسسات إيرادية، وتفرض رسوماً جمركية على بضائع ومواد أساسية قادمة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، علاوة على نهب المواطنين بواسطة الأسواق السوداء للمتاجرة بالنفط والغاز المنزلي.

واقتحمت مليشيات العصابة المئات من منازل الخصوم والمناوئين لها ونهبتها بشكل يعكس بدائية إجرام هذه العصابات، التي لم تبقِ ولم تذر، ووصلت إلى نهب الملابس من خزانات العائلات.

ولعل آخر تقليعات العصابات الحوثية في النهب هو نهب المساعدات الإنسانية المقدمة لإغاثة الشعب اليمني، والتي تنبه إليها مؤخراً برنامج الغذاء العالمي، الذي اكتشف بأن الحوثي يسرق هذه المساعدات لمليشياته، وقرر البرنامج على إثر ذلك تعليق هذه المساعدات في مناطق سيطرة المليشيات.

ولم تكتفِ مليشيا الحوثي الإيرانية بقتل وتجويع ملايين اليمنيين لخمس سنوات من انقلابها، بل تجاوزت ذلك إلى نهب المواد الإغاثية التي تقدمها المنظمات الدولية إلى الشعب اليمني، وعرقلة الأعمال الإنسانية ومضايقة وخطف العاملين في هذا المجال.

سرقة الآثار

وأحدث جرائم العصابات الحوثية هو التنقيب على الآثار وسرقتها وبيعها وتهريبها إلى خارج اليمن، كتجارة تدر ملايين الريالات لقادة العصابات الذين تتضاعف ثرواتهم بفعل الممارسات الهمجية في النهب والسلب، التي وصلت إلى سرقة الكنوز الثمينة من مخطوطات وآثار موغلة بالتاريخ، بينها آثار مدينة صنعاء التاريخية، وكتب ومخطوطات باللغة العبرية.

وقد كشف مسؤول في الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية عن استهداف المليشيات أكثر من 150 مَعْلَماً وموقعاً أثرياً وتاريخياً، بالتدمير والنهب والقصف والتحويل لثكنات عسكرية، منذ انقلابها على السلطة أواخر عام 2014، لافتاً إلى اختفاء 60 في المئة من مكنوزات المتحف الوطني بصنعاء، موضحاً أن نحو 30 ألف قطعة أثرية ووثيقة اختفت من المتحف الحربي بصنعاء ومتحف ذمار.

وفي السياق ذاته، تعمل عصابات الحوثي على طمس وتشويه الهوية الحضارية لمدينة صنعاء القديمة، بطلاء مبانيها القديمة وباب اليمن بشعارات طائفية، يصعب إزالتها دون حدوث تغيير في شكل وطبيعة أحجار المباني القديمة يفقدها قيمتها الأثرية.

كلمات دالّة

#اليمن