الخميس 28-03-2024 14:40:44 م : 18 - رمضان - 1445 هـ
آخر الاخبار

المرأة اليمنية.. نجمة ثورة 11 فبراير

السبت 09 فبراير-شباط 2019 الساعة 10 مساءً / الإصلاح نت - خاص/ زهور اليمني

 

لا أحد يعرف مدى عمق تأثير الثورة الشبابية على النسيج الاجتماعي في بلادنا اليمن التي عاشتها ولا زالت تعيشها حتي اللحظة، لكن ما لا يخفى على أحد هو أن هذه الثورة هي صناعة شعبية، شاركت فيها كل شرائح المجتمع، وعلى رأسها المرأة.

لقد كشفت الثورة عن وجوه نسائية مشرّفة ناصعة البياض، سيسجلها التاريخ كصفحات تتشرف بها اليمن.

الآلاف من النساء من ربات البيوت، والفتيات من الكاتبات والإعلاميات والطبيبات والحقوقيات، تحديّن الظلم والقمع والقهر والاعتقال، وكان للكثير حصتهن من الشهادة مقابل إسقاط نظام فاسد.

 

المرأة الطبيبة

لقد شعرت كل امرأة ساندت هذه الثورة أن عليها دور ولا بد أن تؤديه، لذا ظهر دور المرأة الفعال فى أرض المعركة وأرض التحرير.

ففي المستشفى الميداني أسرعت الكثير من الطبيبات لأداء دورهن فى هذا المستشفى، حتى من لم تمارس الطب كانت تعرض خدماتها وتتوسل إليهم أن يسندوا إليها أى عمل، حتى لو كان الإطعام أو سقي الماء للمرضى.

الدكتورة أميمة عبد الرحمن، التي كانت حينها طالبة في كلية الطب، سارعت إلى الالتحاق بالمستشفى الميداني ومداواة الجرحى وإسعاف المصابين، وقالت: "أقنعت أهلي بأن يتركوني أقوم بواجبي وأشارك في الثورة، وبعد جهد مضنٍ استجابوا لطلبي فكانت سعادتي كبيرة".

وأضافت: "شعرت بأنني أقوم بعمل كبير رغم صغره، فكنت مع كثير من الطبيبات المتطوعات نسعف المصابين ونداوي الجرحى ونشارك من هم في الساحة بالهتاف".

 

المرأة تنشئ الائتلافات الثورية والوطنية

تقول الأستاذة أمة السلام الحاج: "كانت مشاركة نساء الإصلاح مع أخواتهن الثائرات من جميع فئات الشعب اليمني الرافض للاستبداد والمتطلع إلى يمن جديد".

وتضيف: "كانت المرأة في الساحات تشارك في الفعاليات والمسيرات السلمية والأنشطة الإعلامية جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل، فقامت بعمل المعارض التشكيلية، والمشاركة في الأناشيد بتدريب الفتيات، واللقاءات والندوات، ثم أثناء مهاجمة الساحة شاركت في حمايتها عن طريق اللجان الأمنية وتفتيش المداخل".

وأوضحت أمة السلام أن النساء "شاركن في المستشفى الميداني، وشاركن في تنظيف الساحات وترتيب الصفوف، وكن لجان نظام متميزات، كما شاركن في حضور صلاة الجمعة والمسيرات، وشاركن في اللجنة الوطنية للحوار الوطني للأحزاب اليمنية، وفي قيادة بعض اللجان الثورية".

وتابعت: "وخارج الساحة قمن بالتوعية للنساء عن أهمية الحرية والعيش بسلام، كما شاركن في إنشاء الائتلافات الثورية والوطنية".

وختمت حديثها بالقول: "بالنسبة لي كنت إحدي المشاركات في هذه الأنشطة، أتابع الائتلافات الثورية، ومشاركة في التنسيق مع الأخوات في الأحزاب، وخاصة المشترك".

 

المرأة تنظف الساحة

من يستطيع أن يصدق أن هؤلاء الملايين من البشر في الساحات يأكلون ويبيتون ويقضون حاجاتهم، بدون أن يتحول هذا الميدان إلى مقلب زبالة.

هنا برز دور المرأة اليمنية التي لم تتوانَ في حمل أكياس القمامة، وتجميع المخلفات من الأرض دون غضاضة.

تقول سارة عثمان: "لم يكن عندي مانع في أن أقوم بتنظيف الساحة أنا ومجموعة من صديقاتي، فلقد كنا نحضر من الصباح الباكر، ونقوم بتجميع القمامة وتنظيف الساحة من المخلفات، ثم نشارك في الوقوف على مداخل ساحة الحرية لتفتيش القادمات من النساء".

وتضيف: "كنا نشعر بالسعادة ونحن نشارك في الثورة، ولو كان بهذا العمل المتواضع".

 

المرأة تؤمن الطعام للمعتصمين

تتحدث الدكتورة آمنة الأسلمي عن ثورة فبراير بفخر، فهي -كما ذكرت- تقف عاجزة عن التعبير عندما تريد الحديث عن هذه الثورة العظيمة، التي كان لها ولنساء كثيرات دور في المشاركة فيها.

من هؤلاء النساء اللاتي عملن بصمت، فاطمة شقلة، حيث كانت تعمل من بعد صلاة الفجر إلى آخر ساعة من النهار، رافضة أخذ قسط من الراحة.

كانت تنطلق من بيتها من بعد صلاة الفجر، تجمع وجبة الإفطار من المنازل ثم تقوم بتوصيلها للشباب في الساحة، ثم تعود مرة أخرى لتجمع وجبة الغداء من المنازل ومن ثم توصيلها للساحة، وبعد أن تنتهي من عملها هذا حتى تسارع إلى الانضمام إلى رفيقاتها اللاتي يقمن بحراسة الساحة، وما إن تنتهي فترة مناوبتها حتى تسارع في شراء احتياجات اليوم الثاني من الفطور والغداء.

وهكذا ظلت فاطمة تقوم بهذا العمل طوال مدة بقاء الساحة، وتعرضت أكثر من مرة للتهديد والملاحقات، لكن ذلك لم يثنها أو يجعلها تترك عملها الثوري.

 

الأم تدفع بأبنائها للساحات

لم يكن دور الأمهات في البيوت أقل أهمية من دور الفتيات في الساحات، فهذه أم عبد الله تدفع بابنها الوحيد إلى المشاركة في الاعتصامات، رغم علمها بأنها بعملها هذا قد تفقد ابنها في أي لحظة، لكنها -كما ذكرت- لم تشعر بالخوف أو بالتردد وهي تحفز ابنها على المشاركة في الاعتصام، بل كانت فخورة بأنها شاركت في الثورة بابنها، كونها لم تكن قادرة على المشاركة نتيجة عجزها.

 

المرأة تحرس الساحات

تتحدث الإعلامية ذكرى الواحدي عن دورها في ثورة الشباب بقولها: "كان دوري كإعلامية نقل دور هذه النماذج من النساء للمجتمع، فكنت أقوم بزيارة بعض مناطق الصراع مثل أرحب ونهم وبني جرموز، ورأيت نساء يخبزن طوال النهار والليل، ويعدن الطعام لرجال المقاومة الذين كانوا يقومون بحراسة بعض المناطق لحماية النساء والأطفال".

وأضافت: "أيضا قمت بزيارة نساء في ساحة الحرية، قدمن الزوج والابن والأخ شهداء، ورغم ذلك كان إيمانهن قوي بنجاح الثورة ولم يضعفن، بل كن مستعدات لكثير من التضحيات، ولو قدمن أرواحهن في سبيل مستقبل مشرق".

وأوضحت أنها رأت "نماذج رائعة قمن بحراسة منافذ الساحة، تركن بيوتهن ليستلمن دورهن في تأمين مداخل ومخارج الساحة، والكثير منهن تعرضن للضرب ومحاولة الاختطاف".

وتذكر أنه "كان هناك إحدى الأخوات تم استهدافها برصاصة أخطأتها وأصابت ابنها البالغ تسع سنوات، والذي كان يرافقها أينما ذهبت".

لم يكن دور المرأة فقط صناعة الطعام، بل كانت رديفة للرجل، حيث أحيت الخيام بالمنتديات السياسية، وتقديم أوراق العمل، والمشاركة في الدورات التدريبية والندوات التوعوية، وكل النشاطات الإعلامية البارزة والموثقة، جميعهن كن متطوعات، ولم يكن هناك أي مقابل مادي أو حافز آخر، كان الحافز الوحيد هو توصيل رسالة مفادها: ستستمر الثورة إلى حين بزوغ يمن جديد.

ختاما، هناك علاقة أصيلة وغير مفهومة ربطت على الدوام بين الوطن وبين المرأة. فكم تغنى الشعراء العرب بالمرأة الحبيبة، الأم، وهم يشيرون سراً أو جهراً إلى أوطانهم.

اليوم أثبتت المرأة اليمنية أنها كذلك، فكانت هي أم الشهيد التي تدفع بأبنائها للتضحية من أجل الحرية، وكانت هي فتاة الإنترنت التي لا تكل ولا تمل وهي تنقل أخبار الشباب من ميادين التحرير وميادين التغيير، عبر التويتر والفيسبوك، وكانت الطبيبة التي تطوعت لعلاج الجرحى، والممرضة التي لم ترتح ساهرة وهي توزع الأدوية وتعقم الجروح وتضمدها.

كانت الأم والأخت التي ترمي بزجاجات الخل والبصل من نافذة بيتها على المصابين بقنابل الغازات.

كانت الفتاة التي تهتف "الشعب يريد إسقاط النظام"، وكانت الكاتبة التي تكتب عن الحرية، تبث الأمل في النفوس الشابة، وتسطر مشاعرها ومشاهداتها مقالات مؤثرة ورائعة.

لقد تصرفت بوعي مواطنة يمنية، فنالت احتراماً على موقف تاريخي صادق وشجاع لن ينساه لها التاريخ أبداً.

كانت ولا زالت هي المرأة اليمنية بكل مواقعها وبمختلف أدوارها، قلب الثورة ونبضها الحي، وذراعها القوي، وصوتها الإعلامي. هي حافزها وهي أدواتها، هي شجاعتها ومصدر صمودها واستمراريتها.