السبت 27-04-2024 21:58:09 م : 18 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

نهب أدوية المنظمات ومصادرتها.. كيف يتاجر الحوثي بمعاناة المرضى في اليمن؟

الأربعاء 20 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 09 مساءً / الإصلاح نت-خاص

  

منذ انقلاب مليشيا الحوثي على النظام والسلطة الشرعية، عملت المليشيا الانقلابية على تدمير الدولة بمختلف قطاعاتها، الأمر الذي انعكس سلبًا على حياة اليمنيين في مختلف جوانب الحياة المعيشية، الأمر الذي أدى الى توسع رقعة الفقر، وانتشار الأمراض والأوبئة، وعودة الكثير منها للظهور، والتي كانت اليمن قد أعلنت التخلص منها نهائيًا قبل سنوات، مثل شلل الأطفال وغيره.

لم تكتف المليشيا بذلك، بل قامت بالمتاجرة بمعاناة المرضى، من خلال إغلاق ومصادرة المؤسسات التي كانت تقوم بمساعدة الناس في المجال الطبي، وكذا مصادرة الأدوية المجانية المقدمة من قبل المنظمات الإنسانية والمتاجرة بها، ومحاولة الاستئثار بقطاع الأدوية من خلال السعي الحثيث لتحويل هذا القطاع إلى استثمار خاص بها وبقياداتها.

في هذا التقرير سنحاول التذكير بجريمة الحوثي من خلال متاجرته بمعاناة المرضى في مختلف الجوانب، والآثار التي خلفتها تلك المتاجرة، من زيادة معدلات الوفاة، وتفاقم الفقر، وتدهور الوضع النفسي للمواطنين، والنقص في الإمدادات الطبية، وتدهور البنية التحتية لهذا القطاع نتيجة قيام المليشيا باحتواء الكثير من المؤسسات الطبية والسيطرة عليها في مختلف مناطق سيطرتها.

كما سنعرج في هذا التقرير على سبيل الايجاز لا الوصف، على الأهداف الحقيقية لمصادرة مليشيا الحوثي للأدوية المقدمة مجانا للمرضى في مناطق سيطرتها، والدوافع من وراء هذه المأساة التي راح ضحيتها العشرات من المدنيين غالبيتهم من النساء والأطفال.

منع توزيع دواء الأنسولين

في هذا الصدد، شكا مرضى السكر بمحافظة إب من استمرار ميليشيا الحوثي منذ ثلاثة أشهر، وقف صرف حصصهم المخصصة من علاج الأنسولين والمقدمة من المنظمات الأممية، في الوقت الذي يتوافد فيه العشرات من مرضى السكر من الفئات ذوي الدخل المحدود على مكتب الصحة بالمحافظة لاستلام علاج الأنسولين؛ غير أن المليشيا ترفض بحجة عدم وصوله من صنعاء.

وحسب مصادر متطابقة، فإن مليشيا الحوثي في محافظة إب، تبرر عدم وصول العلاج لعدم امتلاكهم ايجار شاحنة النقل 200 ألف ريال، في الوقت الذي شكك فيه المرضى من الرواية الحوثية خاصة مع الجبايات المالية الكبيرة المستمرة التي تفرضها المليشيا على المستشفيات والمرافق الخاصة فضلا عن ميزانية المكتب والمساعدات المقدمة من المنظمات.

بالمقابل، قالت مصادر طبية، إن قيادات المليشيا تتذرع بعدم وجود ميزانية لاستلامها ونقلها، في الوقت الذي تسعى لتأخير استلامها ومن ثم التلاعب بها وبيعها في الصيدليات الخاصة والمتاجرة بها، حيث تقوم المليشيا ببيع المساعدات الإنسانية والطبية والتلاعب بها وحرمان المستحقين لها.

يأتي هذا في الوقت الذي يعاني مرضى السكري في اليمن من عدم قدرتهم على دفع ثمن الدواء، حيث تشير التقديرات إلى وجود أكثر من مليون ونصف المليون مريض بالسكري في اليمن، فيما تصف اللجنة الدولية للصليب الأحمر وضع مرضى السكري في اليمن بأنهم يعيشون “مسألة حياة أو موت للحصول على الأنسولين”.

ومع ارتفاع أسعار الكهرباء التي خصخصتها مليشيا الحوثي، امتنعت الكثير من الشركات عن عدم استيراد هذا الدواء، حيث يشير بعض المختصين إلى أن الأنسولين الذي يتم دخوله اليمن عبر البر يصل وقد انتهت فعاليته؛ نتيجة سوء التخزين وطول مدة النقل نتيجة قطع الطرقات من قبل مليشيا الحوثي واستحداث منافذ جمركية انفصالية، الأمر الذي فاقم معاناة المرضى، كون حقن الأنسولين تحتاج لثلاجات تبريد وهو ما تعجز عنه غالبية الأسر اليمنية.

وقف صرف أدوية مرضى السرطان

بالتزامن مع ذلك، أكدت مصادر صحية، أن مليشيا الحوثي في العاصمة صنعاء، أوقفت صرف بعض الأدوية المجانية لمرضى السرطان في مركز الأورام الخاضع لسيطرتهم، وأجبرتهم على شرائه من شركات خاصة.

وقالت المصادر، إن مليشيا الحوثي قطعت عن المرضى دواء (بانتوبرازول) نوع فيال المستخدم عادة قبل جرعة الكيماوي، دون إبداء الأسباب.. مشيرة إلى أن مرضي مركز الأورام يجبرون المرضى على شراء صنف باسم (medprazole) فيال خاص بشركة هندية وسعر الفيالة الواحدة 2900 ريال كشرط للحصول على الجرعة الكيماوية.

وحسب المصادر، فأنه وفي حال قام المريض بشراء صنف بديل، يتم رفضه من قبل بعض الممرضين، مع العلم أن اسعار البدائل أقل من ألف ريال في الصيدليات التجارية، في الوقت الذي رجحت فيه المصادر أن إجبار المرضى على شراء صنف محدد يأتي نتيجة علاقة بين الشركة الموردة له وبين إدارة مركز الأورام، التي تدفع عمولات هائلة للمركز لتصريف علاجها بالقوة على حساب المرضى.

متاجرة بأوجاع المرضى

ما تم ذكره سابقا، يشير بحسب مختصين إلى أن الحوثي يتاجر بأوجاع المرضى اليمنيين، من خلال مصادرة الأدوية الممنوحة مجانًا من المنظمات وبيعها، وذلك في سياق توجّه المليشيا الانقلابية للاستحواذ على سوق الأدوية، وحرصها على عدم منافستها فيه حتى تتمكن من بيع الدواء بأسعار باهضه.

ويرى مراقبون، أن مليشيا الحوثي تحرص على احتكار استيراد الأدوية، وحصره على عناصر مقربة منها خلّف مآس كثيرة وضحايا من المواطنين، مشيرين إلى حادثة وفاة أكثر من 30 طفلا بمستشفى الكويت نتيجة معالجتهم بدواء فاسد، أظهر النتائج الكارثية لتوجه سلطة المليشيا الحوثية للاستثمار في دواء المرضى والمتاجرة به.

إن محاولة مليشيا الحوثي المستميتة للسيطرة على سوق الدواء، خلف مآس كثيرة من ناحية توفير الرعاية الصحية للمدنيين، وفتح باب المنافسة أمام المستورين، الأمر الذي أدى إلى انعدام الأدوية من جهة، وارتفاع أسعارها من جهة أخرى، في الوقت الذي تنتشر فيه الأمراض بين المواطنين المدنيين، نتيجة الانقلاب الحوثي على الدولة.

أدى الانقلاب الحوثي على الدولة إلى تدمير البنية التحتية الصحية في البلاد، وتدمير المستشفيات والمرافق الطبية التي حولت بعضها إلى سجون سرية، وأخرى إلى أماكن مغلقة لعلاج جرحاها، فضلا عن نقص الكوادر الطبية في البلاد؛ نتيجة الهجرة والنزوح الذي قام بها الآلاف من الأطباء اليمنيين نحو الخارج منذ الانقلاب الحوثي على الدولة.

دوافع الحوثي للمتاجرة بمعاناة المرضى

يؤكد مراقبون أن مليشيا الحوثي تسعى للسيطرة على سوق الأدوية في البلاد، واتخذت إزاء ذلك عدد من الإجراءات التي تمكنها من السيطرة على السوق، تحقيقا لأغراض ربحية تجارية، وأخرى أيديولوجية، وهو الأمر الذي يفاقم من معاناة المواطنين المرضى في مناطق سيطرة المليشيا.

ويظهر توجه الحوثي للاستحواذ على سوق الأدوية كجزء من استراتيجيتهم للتحكم في الموارد وضمان السيطرة على الإمدادات الطبية، إضافة الى منع المنافسة والاحتكار، وهو الأمر الذي يدفعهم لمصادرة الأدوية المجانية لتحقيق هدفهم المتمثل بتجنيب منافسيهم من الشركات والمنظمات الإنسانية من دخول السوق وتقديم خدمات تنافسية.

كما أن هذه المساعي الحوثية بالسيطرة على سوق الأدوية من شأنها أن تؤدي إلى رفع الأسعار، لزيادة ايراداتهم، وتعزيز قدراتهم المالية، متجاهلين التأثيرات السلبية على السكان خاصة الفقراء الذين قد يجدون صعوبة في تحمل تكاليف ارتفاع الأدوية، ناهيك عن مساعي الحوثي للتأثير على الجهود الإنسانية من خلال إعاقة جهود المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات الطبية للسكان المتضررين في اليمن.

الآثار السلبية على السكان

إن المحاولات المستميتة التي تقوم بها مليشيا الحوثي لمنع توزيع الأدوية المجانية المقدمة من المنظمات على السكان في مناطق سيطرتها، لها آثار سلبية على السكان، خصوصا في ظل الأزمة الإنسانية التي تعيشها البلاد نتيجة الحرب التي شنتها المليشيا الحوثية على الدولة منذ سبتمبر 2014.

وتكمن أبرز هذه الآثار السلبية على السكان في زيادة معدلات الوفاة، حيث يرتبط تأثير الحرب على القطاع الطبي بزيادة معدلات الوفاة خاصة بين الأطفال والنساء الحوامل، إضافة إلى التأثيرات النفسية، نتيجة الحرب وانعدام الأدوية وخاصة الأطفال والنساء، إضافة إلى تفاقم الفقر، بسبب تكاليف العلاج وفقدان فرص العمل.

وأدت السيطرة الحوثية على العاصمة وبعض المناطق الأخرى إلى تأثير كبير على الحياة اليومية للسكان في تلك المناطق، في مختلف المجالات، ومنها تأثر الخدمات الطبية، نتيجة تأثير المليشيا على الخدمات الصحية في مناطق سيطرتها، فضلا عن تسخير المساعدات الطبية لتوزيعها على مقاتليها.

كلمات دالّة

#اليمن