الأحد 28-04-2024 17:17:41 م : 19 - شوال - 1445 هـ
آخر الاخبار

تفجير منازل الخصوم.. سياسة حوثية بصبغة صهيونية

الإثنين 18 ديسمبر-كانون الأول 2023 الساعة 05 مساءً / الإصلاح نت-خاص

 

من سوء النية والطوية، إلى توجيه التهم الكيدية للخصوم، إلى التضييق عليهم فملاحقتهم، مرورا بتهجيرهم وتشريدهم، وصولا إلى هدم منازلهم وتفجيرها، وانتهاء بطمس مآثرهم والقضاء على ذكرياتهم، تلك هي سياسة مليشيا الحوثي الإرهابية في التعامل مع خصومها ومعارضيها، كواحدة فقط من الجرائم التي تمارسها المليشيا على نطاق واسع في البلاد.

ويعتبر هدم المنازل واحدة من الجرائم التي عرفت بها مليشيا الحوثي المتمردة منذ انقلابها على حكومة التوافق قبل تسع سنوات، فقد تعرضت مئات المنازل في مختلف المناطق التي تسيطر عليها المليشيا للهدم والتفجير بطريقة مروعة، كنوع من سياسة العقاب التي تنتهجها المليشيا بحق المعارضين لسياستها.

سياسة انتقامية

وقد اعتمد الحوثيون هذه السياسة كإرهاب للخصوم وبث الرعب في المجتمع ورسالة تخويف له من معارضة المليشيا أو الخروج على سياستها، حتى لا تتعرض منازلهم وممتلكاتهم للمصير ذاته.

وعادة ما يتم توثيق تلك المشاهد من عمليات التفجير والخراب وبثها ونشرها إمعانا من المليشيا في الإرهاب وبث الرعب في قلوب المواطنين، كما يهدف الحوثيون من تصوير تلك المشاهد التي عادة ما يرافقها نوع من الاحتفال والابتهاج وترديد شعار المليشيا أو ما يعرف بـ"الصرخة" إلى إبراز نوع من انتصاراتهم الزائفة المبالغ فيها كما جرت عادتهم في ذلك، وهو ما يوحي بأنهم لجؤوا إلى هذا الأسلوب، لأهداف انتقامية وفي محاولة يائسة لإظهار احتفاظهم ببعض مظاهر القوة والنفوذ.

كما أن اللجوء إلى تكتيك نسف المنازل، الذي يصفه محللون بأنه يماثل ما يُعرف بسياسة الأرض المحروقة، يشكل أسلوباً معتاداً تتبعه الجماعات المتشددة الخارجة على القانون سواء في اليمن أو العراق أو سوريا، أو مضاهاة لما يرتكبه الصهاينة من إجرام متكرر بحق الشعب الفلسطيني والتنكيل بالناشطين الفلسطينيين واستهداف منازلهم وممتلكاتهم، إذ يعتبره محللون للشأن اليمني أنه نهج يتنافى مع القوانين الدولية والأعراف والمبادئ الأخلاقية، ويكشف عن هزيمة من يتبعونه وليس انتصارا لهم، معتبرين أن اتباع مثل هذه الأساليب، التي تعبر عن الفجور في الخصومة، يُذكي الغضب بشكل أكبر ضد المليشيا، ويترك ثأرا متجذرا ورغبة ملحة بالانتقام من قِبل من تطالهم تلك الاعتداءات.

دمار شامل

وقد أفاد تقرير حقوقي حديث بسقوط العشرات من الضحايا جراء تفجير المئات من المنازل التي تعود ملكيتها لأكثر من 1000 عائلة، خلال فترة الحرب في مختلف المحافظات اليمنية التي شملتها، منهم أكثر من 20 حالة قتل، بينهم 11 طفلا وخمس نساء، بينما جرح أكثر من 20 آخرين.

ورصد تقرير صدر عن المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) مطلع ديسمبر الجاري 2023، خلال الفترة من مارس 2011 وحتى سبتمبر 2023، تفجير 713 منزلا تملكها 1123 عائلة، خلال سنوات الحرب في مختلف المحافظات اليمنية التي شملتها، سقط جراء ذلك 51 ضحية، منهم 27 قتيلا، بينهم 11 طفلا وخمس نساء، بينما جرح 24 آخرون، بينهم أطفال ونساء، وبلغت نسبة المهجرين من ملاك هذه المنازل 89%.

ووفقا للتقرير فقد ارتكبت مليشيا الحوثي بشكل ممنهج وعلى نطاق واسع النسبة الأكبر في (15) محافظة يمنية بواقـع (703) حالة انتهاك، فيمـا ارتكبت بقية الفصائل المتمردة على الدولة النسبة المتبقية من الانتهاكات بواقع 13 حالة فقط.

التقرير الذي استغرق عامين كاملين من الرصد والتحري شمل 15 محافظة طالتها عملية هدم المنازل وهي: البيضاء، تـعـز، الجـوف، صعدة، إب، صنعاء، مأرب، ذمـار، حجـة، الضالع، لحج، عمران، الحديدة، شبوة، ابيـن. وتناول التقرير ترتيب المحافظات وفقاً للأعلى نسبة مـن حيث عـدد المنازل المفجرة، كانت محافظة البيضاء هي الأعلى بعدد (118) منزلا، وفي المرتبة الثانية محافظة تعز بعدد (110) منازل، وفي المرتبة الثالثة محافظة الجوف بعدد (76) منزلا، وتأتي محافظة صعدة في المرتبة الرابعة بعدد (73) منزلا، ومحافظة إب في المرتبة الخامسة بعدد (62) منزلا، ومحافظة صنعاء في المرتبة السادسة بعـدد (57)، وفي المرتبة السابعة محافظة مأرب بعدد (53) منزلا، ومحافظة ذمار في المرتبة الثامنة بعدد (37) منزلا، فيما جاءت محافظة حجة بالمرتبة التاسعة بعدد (31) منزلا، وعاشراً محافظة الضالع بعدد (23) منزلا، ولحج في المرتبة الحادية عشرة بعدد (22) منزلا، فيما تأتي بعدها محافظة عمران بعدد (21) منزلا، تليها محافظة الحديدة بعدد (14) منزلا، ثم محافظة شبوة بعدد (10) منازل، تليها محافظة أبين بواقع (5) منازل وأخيرا محافظة عدن منزل واحد.

تهجير قسري

ويتناول تقرير المركز الذي حمل عنوان "دموع على الركام"، عددا من الانتهاكات التي رافقت تفجير المنازل مثل: الوفاة والإصابة للمدنيين أثناء التفجير، حيث تسببت انتهاكات تفجير المنازل بحدوث حالات وفاة وإصابات لمدنيين سواء من المالكين للمنازل وأسرهم أو من المجاورين للمنازل التي يتم تفجيرها، نتيجة تهدم المنازل عليهم أو نتيجة الإصابة بشظايا المواد التي تستخدم في التفجير، أو بالأحجار المتناثرة وركام المنازل.

ويقول المركز الأمريكي للعدالة إنه وخلال فترة إعداد التقرير تمكن فريق الرصد من توثيق عدد (27) ضحية من القتلى، منهم (11) طفلا و(5) إناث و(11) من الذكور قضوا تحت أنقاض منازلهم المفجرة، فيما جرح عـدد (24) ضحية منهـم (9)
أطفال و(7) إناث و(8) ذكور، تقع مسؤولية جميعها على مليشيا الحوثي.

وقد تسبب هدم المنازل بحالة من التهجير القسري للضحايا وأسرهم والحرمان من الحق في السكن المكفول قانوناً، وهذا ما أكده التقرير، فقد "ثبت خلال فترة إعداد التقرير أن ما نسبته 89% من ضحايا تفجيرات المنازل قد تعرضوا للتهجير القسري من موطنهم الأصلي إلى محافظات أكثر أمانا أو إلى خارج البلاد، فيما لجأ 65% إلى مخيمات النـزوح بمحافظات مأرب وتعز والضالع وحجة، أو إلى مساكن مهجورة.

وكثيرا ما يتم نهب الممتلكات المنقولة قبل التفجير وفقدان الوثائق الرسمية للضحايا الذين تتعرض منازلهم للتفجير، فقد تمكن الفريق الميداني التابع للمركز الأمريكي من "رصد ( 513) حالة نهب للمنازل قبل تفجيرها، وهو ما يمثل 71,64% من الحالات الإجمالية للمنازل المفجرة، فيما بلغت الأموال المنهوبة مبالغ كبيرة جـدا لم يتمكن المركز من التوصل لرقم نهائي لتلك الأموال لضخامتها، كما أن جزءا كبيرا من الضحايا قد فقدوا وثائقهم الرسمية من مستندات أملاك للعقارات ووثائـق شـخصية وشهادات مدرسية وجامعية، وعانوا صعوبات في إلحاق أبنائهم بالتعليم في المناطق التي نزحوا إليها قسراً بعد أن فجرت منازلهم، حيث رصد فريق المركز عدد (239) طفلا من ضحايا تفجيرات المنازل لم يستطيعوا مواصلة التعليم بسبب فقدان شهادات تعليمهم ونزوحهم القسري لمخيمات اللجوء.

أضرار نفسية

ولم يقتصر ضرر تفجير المنازل على ملاكها فحسب بل تعدى ذلك ليشمل أشخاصا آخرين في المجتمع وخاصة فئات الأطفال والنساء بسبب العنف المستخدم من قبل مليشيا الحوثي واستعراض القوة أثناء اقتحام المنازل وفي أوقات متأخرة من الليل، ونتيجة لاستخدام مواد شديدة الانفجار وذات قوة تدميرية عالية، إذ يصل تأثيرها إلى محيط واسع ويتسبب بأضرار جسيمة ومتوسطة وخفيفة لجميع المباني المجاورة، كما أن قوة الانفجار عادة ما تسبب صدمة وهلعا شديدين وخاصة لفئات الأطفال والنساء وكبار السن من المجاورين لعمليات التفجير.

وذكر المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) أن فريقه أجرى عددا من المقابلات الميدانية لضحايا تفجير المنازل والمجاورين لهم كانت جميعها "تذكر تعرض الأطفال للخوف والـفـزع الشـديد وخاصة أثناء النوم، وكذا حدوث إجهاض لعدد (27) امرأة في محافظات مختلفة".

ويورد المركز في تقريره أضرارا أخرى خلفتها تلك الانتهاكات من بينها الأضرار النفسية والصحية للضحايا وذويهم من النساء والأطفال تحت ذلك الصنف مـن الانتهاكات، ووفقا لما جاء في التقرير فقد أجرى المركز الأمريكي للعدالة وعبر باحثيه في الميدان دراسة لعينة من الضحايا لعدد (30) أسرة تم الاستماع لها في مخيمات النزوح بمحافظات مأرب وتعز والضالع من الذين فقدوا منازلهم نتيجة تفجيرها من قبل مليشيا الحوثي، والآثار النفسية التي خلفتها تلك الجرائم على الأطفال بدرجة أساسية".

وأضاف أن الألم والمعاناة واحدة ومشتركة بين جميع الضحايا أهمها: الإحساس بالخوف والقلق والغضب وعدم القدرة على النوم في الليل مع التبول اللا إرادي والانطواء وانعزال الطفل والاضطرابات السلوكية مثل قضم الأظافر والـكذب والتراجع في المستوى التعليمي والتبلد وارتكاب أعمال عنف والتنمر داخل الأسرة والرغبة في الالتحاق بجبهات القتال، نتيجة للهلع والاضطرابات النفسية التي سببتها تلك الانتهاكات.

قصص مؤلمة

وقد حفلت الصحف والمواقع الإخبارية ونشرات الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من المشاهد الصادمة والقصص المؤلمة للانتهاكات والجرائم التي مارستها مليشيا الحوثي على نطاق واسع في البلاد.

ففي منتصف يوليو 2014 وبعد سيطرة مليشيا الحوثي على مديرية الحزم رمحافظة الجوف، ونزوح الكثير من الأسر خوفا من انتقام مليشيا الحوثي منها، أقدمت مليشيا الحوثي على تفجير منزل الشيخ صالح علي الروساء، ونجله عبد الوهاب، واللذين يضمان مبنيين، باستخدام مادة الديناميت حتى سوتهما بالأرض، حيث يقعان على مساحة واسعة تقدر بـ(350) متر مربع.

وفي يونيو 2018، قصفت مليشيا الحوثي بقذيفـة هاون منزل المواطن يحيى مهدي مهشم أثناء ما كان الضحية يتناول وجبة الإفطار مع زوجته وأطفاله، مما تسبب بإصابته بشظايا في البطن، أسعف على الفور إلى مستشفى الحزم، فيما غادرت أسرته المنزل وانتقلت إلى أحد منازل الجيران خوفاً من تكرار القـصف مرة أخرى، فلم يمض من الوقت سوى بضع ساعات حتى داهمت مليشيا الحوثي القرية وقامت باقتحام منزل الضحية ونهب محتوياته وتفخيخه بالمتفجرات التي دمرته بشكل كلي، لتنتقل بعدها إلى منازل إخوانه المجاورة له، والقيام بنهبها ثم تفجيرهـا بنفس الطريقة السابقة بادعاء أن الضحية وإخوانه متعاونون مع قوات الحكومة الشرعية.

وفي أغسطس من العام 2015، اقتحمت مجاميع مسلحة تابعة لمليشيا الحوثي وادي الحلق آل مشدل التابعة لمديرية البيضاء. وبعد اشتباكات مع أهالي المنطقة وسيطرة المليشيا على وادي الحلق الذي تقع فيه مزارع و منازل الضحية (عدد 3) ونهب كافة محتويات المنازل، قامت بتفجير المنازل الثلاثة مع ملحقاتها والقائمة على مساحة واسعة باستخدام مواد شديدة الانفجار أدت إلى تدميرها بشكل كلي وتسويتها بالتراب، لتعاود في أكتوبر من العام نفسه اقتحام قرية العيوف بمديرية البيضاء ومداهمة المنزل الرابع للضحية المكون من ثلاثة أدوار وملحقه، ونهب كامل محتوياته، ثم القيام بتفخيخ المنزل بالمتفجرات وتسـويته بالأرض.

وفي أكتوبر من العام 2014، هاجمت مليشيا الحوثي منزل الشيخ محمد بدير المكون من ثلاثة أدوار، الذي يعد أحد المشايخ البارزين في المناطق الوسطى وعضو مجلس شورى حزب الإصلاح في محافظة إب ورئيس جمعية كفالة الأيتام بمديرية يريم، حيث تم تفجيره من قبل المليشيا الحوثية بعد نهب محتوياته، كما قتل نجل الضحية الطفل أسامة محمد بدير البالغ من العمر (12) عاما أثناء تفجيرهم للمنزل، فيما قتل (5) أشخاص من عائلة الضحية أثناء الهجوم المسلح لمليشيا الحوثي على المنزل.

وفي أبريل من العام 2023، أقدمت عناصر تابعة لمليشيا الحوثي على تفجير ثلاثة منازل لمواطنين في قرية الزور بمديرية صرواح غربي محافظة مأرب، واختارت المليشيا الحوثية يوم عيد الفطر المبارك توقيتا لجريمتها الشنعاء.

---

في الايقونة أسفل تقرير صدر عن المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) 

عدد الزيارات 521
عدد التحميلات 28

كلمات دالّة

#اليمن